د. غنيم: التجارة الإلكترونية بالخليج مؤهلة للنمو 30% سنويا
2.7 تريليون دولار حجم الاقتصاد العربي يساهم الاقتصاد الرقمي بـ110 مليار دولار فقط بنسبة حوالي 4.1%
عندما تحاور عالم جليل بحجم الدكتور عبد الوهاب غنيم؛ نائب رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، فالحوار يكتسب أبعادًا هامة وجوانب ثرية، فهو يملك خبرات عريضة في مجال التقنية والاقتصاد الرقمي، استمدها من خلال عمله مستشارًا لتقنية المعلومات لأكثر من 45 عامًا في المملكة المتحدة وألمانيا في شركة “فوجيتسو سيمنس” العالمية، ومستشار الحكومة الإلكترونية والحكومة الذكية وهيئة الإمارات للهوية، وقام بالتدريس في الجامعات المصرية والبريطانية والإماراتية، وهو عضو في العديد من المنظمات الدولية، واستشاري الدراسات والبحوث في مجال الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية والتحول الرقمي. وفي عام 1999 تم اختيار الدكتور عبد الوهاب غنيم في الموسوعة الأمريكية العالمية لمشاهير خبراء العالم في مجال تكنولوجيا المعلومات..
تعالوا نتابع معًا هذا الحوار الهام..
الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي
-
في البداية نود التعرف على الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي؟
الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي هو إحدى الاتحادات النوعية المتخصصة التابعة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية بجامعة الدول العربية، ورؤيته أن يصبح الاتحاد شريكًا مُمَكنا لبناء اقتصادات رقمية متطورة ومستدامة تؤثر إيجابيًا في جودة الحياة في الوطن العربي.
ورسالته هي دعم خطط التحول والشمول المالي وتطوير البنية التحتية المعرفية والتشريعية والتكنولوجية من خلال تقديم وتقييم رؤية تستشرف المستقبل للمعنيين في الوطن العربي.
ويتلقى الاتحاد مساندة ودعمًا قويًا من سمو الشيخ الفريق سيف بن زايد آل نهيان؛ نائب رئيس مجلس الوزراء بدولة الإمارات العربية المتحدة، وزير الداخلية، والرئيس الفخري للاتحاد، كما يتلقى الاتحاد دعمًا قويًا من معالي الوزير أحمد أبو الغيط؛ الأمين العام لجامعة الدول العربية، ومعالي السفير محمد الربيع؛ الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية.
-
ما أهم أهداف الاتحاد؟
- دعم تحديث وتطوير الأسس التشريعية والقانونية.
- المساهمة في تطوير البنية التحتية التكنولوجية وتعزيز المحتوى المعرفي.
- دعم مشروعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة للدخول ضمن أطر الشمول الرقمي.
- دعم الخطط الحكومية العربية لتعميق ممارسات الحوكمة الإلكترونية وخدمات الحكومة الذكية.
أنشطة ومبادرات
-
ما أهم المبادرات والأنشطة لتحقيق هذه الأهداف؟
يسعى الاتحاد لأن يلعب دورًا أساسيًا لتنفيذ عدد من المبادرات والمشاريع ومنها: – – إصدار دليل تشريعي في مجالات البنية التحتية التكنولوجية لدعم التكامل والتنسيق في منظومة التشريعات والأحكام القانونية العربية.
– إنشاء تكتلات تنافسية من شركات عربية متخصصة لتعزيز القدرة على الاستثمار الاستراتيجي والمنافسة العالمية في مجال الاقتصاد الرقمي وتكنولوجيا المال لرفع كفاءة المنظومة الرقمية العربية، وجذب المستثمرين، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، بما يعزز النهوض بالاقتصاد الرقمي.
– إنشاء صندوق الدعم العربي بتوجه نحو تمويل مشاريع التحول بقروض ميسرة وطويلة الأجل.
– توفير تطبيقات وخدمات رقمية آمنة لإدارة الأعمال والدفع الإلكتروني على الغيمة الحاسوبية للشركات الصغيرة والمتوسطة بنظام الاشتراك وبرسوم رمزية.
– إنشاء مؤشر التحول الرقمي العربي لقياس تقدم الدول العربية، وتحديد المجالات ذات الأولوية، بهدف متابعة البرامج والخطط والمشروعات التنموية.
– التعاون مع المؤسسات الحكومية لتعزيز مفهوم الشراكات الفعالة في تنفيذ استراتيجيات التحول الرقمي.
– تقديم الاستشارات في مجال التحوّل الرقمي في الأنظمة والمعاملات من خلال خبراء ومختصين.
– تقديم خدمات التدريب والتطوير للمؤسسات والأفراد بهدف تجسير الفجوات المعرفية، وإكساب المهارات التدريبية اللازمة، وصقل القدرات.
– إطلاق جائزة الاقتصاد الرقمي العربي لتشجيع وتحفيز التنافس في القطاع الحكومي والخاص للمشاركة في تعزيز الاقتصادات الوطنية وبيئات الأعمال، ودعم وتكريم الإبداع الفكري والتقني للمواهب من أفراد ومنظمات.
– رفع الوعي العام والمعرفة الرقمية حول الإمكانات التكنولوجية لدعم الحكومات ورواد الأعمال والمستثمرين والشركات.
الثورة الصناعية الرابعة
-
نحن بدأنا عصر الثورة الصناعية الرابعة …ما أهم ملامح هذا العصر؟
الثورة الصناعية الرابعة تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا النانو، وتحليل البيانات الضخمة، ومن المتوقع أن تغير مع الاقتصاد الرقمي من شكل العالم وشكل المنتجات وأساليب الإنتاج، حيث ستصبح معظم المنتجات ذكية وستظهر نظم النقل الذكية والسيارات ذاتية القيادة وغيرها.
ومن المتوقع أن تختفي حوالي 50% من الوظائف التقليدية في العالم بحلول عام 2030، وستظهر وظائف وفرص عمل جديدة تعتمد على المعلوماتية والإبداع والابتكار وريادة الأعمال بنسبة 50%.
التحول الرقمي
-
وكيف ترى أهمية التحول نحو الاقتصاد الرقمي؟
يتعاظم دور وأهمية الاقتصاد الرقمي حيث يقدر حجم الاقتصاد العالمي بحوالي 88 تريليون دولار، منهم حوالي 13 تريليون دولار هو حجم الاقتصاد الرقمي بنسبة حوالي 15%، ويقدر حجم الاقتصاد الصيني حوالي 14.3 تريليون دولار يساهم الاقتصاد الرقمي في الصين بقيمة 4.1 تريليون دولار وبنسبة 35%، ويقدر حجم الاقتصاد العربي بحوالي 2.7 تريليون دولار ويقدر حجم الاقتصاد الرقمي العربي حوالي 110 مليار دولار بنسبة حوالي 4.1% منها، وهي نسبة متواضعة جدًا، ولهذا يجب علي الدول العربية التحول نحو الاقتصاد الرقمي المستدام والآمن.
ولهذا تسعي معظم الدول إلى التحول إلى الاقتصاد الرقمي المبنى علي تطبيقات تكنولوجيا المعلومات الذكية والإنترنت والمعرفة والإبداع والابتكار، ويعتبر الاقتصاد الرقمي أهم الموارد الاقتصادية بالعالم، والذي يساهم في إنتاج القيمة المضافة، حيث يشكل التعليم اللبنة الأولي، ويقدر حجم المواقع والمنصات الإلكترونية عالميًا حوالي 2 تريليون موقع، وعدد الهواتف الجوالة حوالي 8.9 مليار موبايل، وعدد مشتركي الإنترنت حوالي 4.8 مليار مشترك، وعدد متعاملي وسائل التواصل الاجتماعي حوالي 3.8 مليار مستخدم، وتقدر حجم البيانات الرقمية في العالم حوالي 44 يوتا بايت، وكل هذه العوامل ساعدت علي انتشار التجارة الإلكترونية أحد أفرع الاقتصاد الرقمي حيث تقدر إجمالي حجمها عالميًا بأكثر من 11.7 تريليون دولار بين الشركات وبعضها (B2B)وبين الشركات والمستهلكين (B2C) .
وقد ازدهرت التجارة الإلكترونية عالميًا من تبادل المعلومات وبيع وشراء السلع والخدمات والتسويق الإلكتروني وفي زيادة سريعة ومضطردة، خاصة مع تقدم التطبيقات الذكية التي تستخدم الجيل الرابع والخامس، وظهور العالم الافتراضي ثلاثي الأبعاد، وظهور الجيل الثاني من الإنترنت والحوسبة السحابية، واستخدام تطبيقات إنترنت الأشياء التي تساهم في انتشار نظم النقل الذكية، والسيارة ذاتية القيادة، وتطبيقات المدن الذكية، والمصانع الذكية، والمنتجات الذكية، وكذلك تطوير منصات التجارة الإلكترونية، وبوابات الدفع الإلكترونية الأمنة.
-
ما أهم عوامل التحول إلى الاقتصاد الرقمي؟
عوامل الندرة والاستنزاف للموارد الريعية والطبيعية، ورفع الكفاءة والفاعلية لتقديم الخدمات الحكومية المختلفة للمواطن عبر الوسائل الإلكترونية والجوال علي مدار 24 ساعة يوميًا، ما يوفر الكثير من التكاليف والوقت والجهد، وزيادة الإنتاج، وتوفير فرص عمل جديدة، والقضاء علي الفساد، وتحقيق المساواة والشفافية، والمحافظة علي البيئة في ظل خطط التنمية المستدامة.
التجارة الإلكترونية
-
ما أهمية التجارة الإليكترونية؟ وأين نقف نحن منها؟
هامة للغاية، 90% من حجم التجارة الإلكترونية العربية تذهب للخارج للشركات الأجنبية، ولا تستفيد منها الشركات العربية، وحجم التجارة الإلكترونية العربية ما يقرب من 1% من التجارة الإلكترونية العالمية، مع أن حجم سكان المنطقة العربية حوالي 5% من سكان العالم، ما يعطينا فرصة لمضاعفة حجم التجارة الإلكترونية العربية حوالي 5 مرات، وهي بسرعة نموها اليوم أصبحت بالمنظور العالمي هي النافذة التي ستطل منها دول الخليج العربي نحو آفاق أرحب للتبادل التجاري العالمي، حيث يتوقع أن تصل عالميًا لما يقارب ثلث إجمالي المبادلات الاقتصادية العالمية بحلول العام 2021 على أقل تقدير وفقًا للتقديرات الإحصائية الدولية.
ما يفرض علينا تطوير منظومة التجارة الإلكترونية، وما يتبعها من ضرورات تشريعية وتنظيمية وتكنولوجية وتجارية وتنظيم التفاهمات البينية والدولية والإقليمية لهذا الغرض.
وتتلخص عمليات التجارة الإلكترونية في أربعة عمليات هي:
– البحث في منصات التجارة الإلكترونية عن السلع والخدمات من خلال محركات البحث المختلفة.
– ثم الشراء وإبرام العقود.
– ثم دفع القيمة المالية من خلال بوابات الدفع الإلكتروني.
– ثم الحصول على السلعة أو الخدمة للمتعامل من خلال إدارة سلاسل التوريد.
وقد تعددت وسائل الدفع الإلكتروني من استخدام بطاقات الائتمان ومن استخدام نقاط البيع في المتاجر وماكينات الصراف الآلي بالبنوك والأكشاك الإلكترونية، ومواقع الإنترنت وتطورت إلي استخدام الهواتف الذكية والمحفظة الإلكترونية، وغيرها من الوسائل الذكية.
وأنشئت شبكات أنظمة بوابات الدفع الإلكترونية لتسهيل المدفوعات بالتعاون مع البنوك وشركات الائتمان العالمية مثل فيزا وماستر كارد ومقدمي الخدمات والمتاجر باي بال وغيرها، وذلك من خلال بروتوكولات أمنة SSL، وذلك للأمن وسرية المعلومات البنكية والحماية وعدم التزييف.
دول مجلس التعاون والتحول الرقمي
-
كيف ترى موقف دول مجلس التعاون من التحول الرقمي؟
لقد أطلقت دول مجلس التعاون الخليجي رؤى طويلة الأجل للتنمية الاقتصادية المستدامة لتقليل اعتمادها التقليدي على عائدات النفط وتحقيق التنويع الاقتصادي، ومنها رؤية المملكة 2030، والتي تضمنت بناء مدينة نيوم الذكية، ورؤية الإمارات 2030، ورؤية سلطنة عمان 2040، ورؤية الكويت 2035، ورؤية البحرين 2030 ورؤية قطر 2030.
ويعتبر الاقتصاد الخليجي الـ 13 عالميًا بناتج إجمالي 1.64 تريليون دولار.
وحجم الاحتياطيات الأجنبية، لدول الخليج تقدر بحوالي 620 مليار دولار عام 2019.
وجذبت دول الخليج استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 497 مليار دولار خلال عام 2019.
وحجم التجارة البينية بين دول الخليج في 2019 بلغت نحو 91.3 مليار دولار.
وبلغت التجارة البينية غير النفطية في دول مجلس التعاون نحو 73 مليار دولار عام 2019.
وتمثل التجارة البينية غير النفطية 4.4% من الناتج المحلي لمجلس التعاون في عام 2019، ما يشير إلى توافر الفرص لزيادة حجم التجارة البينية في المجلس.
وفي ظل تفشي مرض فيروس كورونا (كوفيد- 19) وموجاته المتعددة والمتحورة، وحالة عدم اليقين والإغلاق الكلي والجزئي وانخفاض أسعار النفط في عام 2020، كل ذلك أثر بشدة على قطاعات السياحة والفنادق والطيران والخدمات اللوجستية في العالم ودول الخليج، ما أعاق تنفيذ خطط رؤاها الاستراتيجية للتحول والتنويع الاقتصادي الخاصة بها، ويخلق تحديات جديدة في تنفيذ الخطط والمشروعات وسط ظلال الجائحة، ولقد سعت دول الخليج إلى إيجاد سبل لمواجهة هذه التحديات، ويجب علي الدول العربية التحول نحو الاقتصاد الرقمي المستدام والآمن وتطوير تطبيقات الاقتصاد الرقمي والتحول الرقمي لتقديم الخدمات للمواطنين.
وفي دول الخليج لجأ المواطنون إلي التوجه نحو الشراء عبر منصات التجارة الإلكترونية للتقليل من الأنشطة الخارجية.
وفي إعلان العُلا الصادر عن قمة دول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة (قمة السلطان قابوس والشيخ صباح) تم الاتفاق على تشجيع المبادرات المتعلقة بالاقتصاد الرقمي وتطوير التجارة الرقمية بين دول المجلس، وتعزيز التعاون بين مؤسسات المجلس ومنظمة التعاون الرقمي، كما قام أصحاب الجلالة والسمو بتكليف الأمانة العامة للمجلس بالمتابعة ووضع الخطط والبرامج لتنفيذ ذلك بالتعاون مع بيوت الخبرة المتخصصة.
وتشير تقديرات الخبراء إلى أن التجارة الإلكترونية في دول الخليج مؤهلة للنمو السنوي 30%، ليصل حجم التجارة الإلكترونية في دول الخليج إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2025، وأن تصبح التجارة الإلكترونية المصدر الرئيس لنمو قطاع التجزئة، ودول الخليج من البلدان السبَّاقة عربيًا وعالميًا في تطبيق مفهوم الشمول المالي، نظرًا إلى تطور الخدمات المالية والمصرفية فيها.
ووضعت حكومة دبي تصورًا لخطة تمتد 50 عامًا لتأسيس مدينة تجارية افتراضية قادرة على استضافة 10 آلاف شركة، ونظمت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي أول مؤتمر خليجي للتجارة الإلكترونية في عام 2005، في أبوظبي، إن الإنفاق الذكي على الارتقاء بالقدرات التكنولوجية الرقمية لدول الخليج، وتطوير الصناعات القائمة على التكنولوجيا أمر ضروري لدعم النمو المستقبلي المستدام.
-
ما أهم التحديات تواجه الدول العربية والخليجية؟
نظرًا للفجوة الرقمية بين الدول العظمي والدول العربية والخليجية، فإنه مازال هناك تحديات تواجه الدول العربية والخليجية ومنها: ضعف الممارسات التجارية والتشريعات والقوانين التي تواكب البيئة الرقمية، وتحميها من أعمال القرصنة الإلكترونية المختلفة والتي تؤدي إلى ضعف الثقة في التعاملات الإلكترونية.
وبالطبع فإن تبنِّي استخدام التقنية الذكية له مزايا كبيرة، إلا أن هناك أيضًا تحديات ومخاطر هامة، حيث ترتبط الجوانب الأكثر نقاشًا بأمن المعلومات وإساءة استخدام البيانات الشخصية.